لذلك قيل : بأن معنى كلمة غزة : هي جمع : غازي والغزي والغزاة - الرماة بالنشاب- ثم تحرفت إلى غزة وهي بلدة كنعانية عربية ... وهناك أقوال قيلت عن معنى (غزة)... والأرجح أنها : بمعنى قوي ومخازن وكنوز وما يدخر) .( ) ونبه بعض الباحثين إلى أن معنى الاسم " غزة " العزيزة والحصينة( ) وهي مدينة تجارية عامرة ، ولا سيما في العصر الهلنستي والروماني ، ما كانت لتستغني عن ميناء بحري خاص بها ، وهكذا نشأت مدينة جديدة على ساحل البحر ، بإزاء غزة ، دعيت "ميوما " واندثرت إلى اليوم ، وعدت في الأصل ضاحية بحرية لمدينة غزة ، كما كان الحال أيضاً في المدن الساحلية الأخرى المجاورة ، كمدينة عسقلان وأزدود ويبنا .
ولعل الإسكندر الأكبر، هو أقسى من تعامل مع غزة وسكانها، فقد نكل بهم، لأنهم رفضوا الاستسلام إلا بعد حصار طويل ، وهدم لأسوارها .
وفي القرن الثاني قبل الميلاد استولى عليها سمعان المكابي قائد اليهود . واحتلها بومبي الروماني سنة 62 ق.م وضمها إلى ولاية سوريا .
" وغزة مدينة قديمة من مدن فلسطين قريبة من البحر المالح على نحو نصف ساعة ؛ وأول من اختطها افرايم، أحد أولاد سيدنا يوسف الصديق -عليه السلام-، وهي من الأرض المقدسة - التي بورك فيها - ومن أعظم مدن فلسطين، فتحها معاوية بن أبي سفيان أيام خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- ويقال لها ولعسقلان : "عروسا الشام " وكفى بها فخراً أنها مولد سيدنا سليمان عليه السلام، ومولد الإمام الشافعي رضي الله عنه
والمشار إليه في إحدى الرحلتين في قوله . رحلة الشتاء والصيف تعالى :
وذكر الجوهري أن هاشمًا جد النبي – صلى الله عليه وسلم ٍ- مدفون بغزة ، وأن غزة كان فيها أيام شمعون نبي الله الغزاة وكانوا يحملون السلاح ألف شهر حتى يعدوا من العُبَّاد فأنزل الله فيهم يعن ليلة القدر خير من ألف شهر ي تحملون السلاح فيها، وكان الغزاة فيها أيام شمعون يقتاتون من الجميز - وكان غالب الأشجار- وكان يحمل كل سنة مرة ؛ فدعا الله تعالى شمعون -عليه السلام- فظل يحمل كل سنة سبع مرات.
ومن الآثار ما روي عن غزة عن مصعب بن ثابت: عن الزبير قال : " طوبى لمن سكن أحد العروسين : عسقلان وغزة " وهي أحسن المدن المجاورة لبيت المقدس ، وهي من الثغور لقربها من البحر، وبها كثير من الأشجار والنخيل ، وحولها كثير من المغارس والمزارع ، وفيها أنواع الفواكه، وهي أحسن مدن فلسطين وفيها خلق كثير ممن سلف من العلماء والصالحين وهي مدينة ساحلية فيها قبر هاشم بن عبد مناف. وهي آخر مدينة في جند فلسطين قبل صحراء مصر الجفار، جفار مصر. وفيها ولد محمد بن إدريس الشافعي المدفون في الفسطاط ، وتمتاز بموقع خاص ، فهي قريبة من الصحراء ومن البحر ، وهي واقعة على أم الطريق إلى مصر، وفيها مسجد جيد. قال عنها الجغرافيون الرياضيون : إنها واقعة في الإقليم الرابع على خط طول 50 , 54 درجةً ودائرة عرض 32، وحدد أبو الفدا طولها بخط 56. وقد دعيت المدينة "غزة هاشم" الذي توفى عن 20 أو 25 عامًا.
وقد أنجبت رجالا اشتهروا في الإسلام من أمثال الشافعي وغيره. وليزيد القزويني عن قيمة غزة اقتبس قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " أبشركم بالعروسين : غزة وعسقلان". وكان أبو الفدا أول من وصفها بشكل علمي، فهي بعيدة عن البحر، تفصلها كثبان رملية. في المدينة حصن صغير وقليل من أشجار النخيل لكن كرومها خصبة. وكانت أيام ابن بطوطة عامرة... مساجدها كثيرة وهي محصنة، وتغص بالمصلين) . ( )
وهي مدينة حفر اسمها في ذاكرة التاريخ ، وجدت مع وجود الزمان ، وعانت أهوال كل قتال... كان لها في كل عهد قصة ، وفي كل معركة تضحيات وشهداء ، ومع كل حاكم حكاية... كم دانت لفاتح! وكم استعصت على جبار.. ولكنها في كل حال لم تكن ترضى إلا أن تكون حديث الدنيا وقلب الأحداث.. فما اقتتل جيشان إلا اكتوت بنار قتالهما ، وما تنازع خصمان إلا حاول كل منهما أن يخضعها لسلطانه ، فهي واقعة في الوسط بين قارتين وبين حضارتين.. طريق للفاتحين ، وأول سلَّم للصاعدين الغالبين وآخر درجات المنهزمين الفارين تاريخها مجيد، وسجلها حافل ، وحاضرها جهاد وتضحيات ، عانت وما زالت تعاني من غدر الأعداء وعجز الأصدقاء ، ولكنها وفي كل مرة كانت تنتصر تنتصر بالرجال الذين أنجبتهم أرضها.. رجال عظماء.. وأبطال أشداء... سواعدهم من صخر وقلوبهم من حديد ومن أعظم صفاتهم : الشجاعة، والصبر على المكاره، والنفور من الذل ، وإباء الضيم ، ولعلهم ورثوا هذه الصفات عن آبائهم؛ بسبب كثرة الحروب التي ألمت بديارهم ، على مر الأحقاب... ويقال : إنهم هم الذين خاف بنو إسرائيل بأسهم فقالوا: { إن فيها قوما جبارين... } ولم يستطيعوا دخول الأرض المقدسة بعد ذلك إلا في هذا الزمان البائس .
ويجدر بنا أن نذكر أن: "غزة كانت إحدى المدن التي تدرس فيها آداب اليونان وثقافتهم ، والمشهور أن مدارسها في القرون الأولى للميلاد كانت أحسن مدارس في تعليم الفلسفة والبلاغة والخطابة حتى قيل : [إنه كان يقصدها طلاب من بلاد اليونان للتعلم فيها]